2015
بحسب جورج ديدي-هوبرمان فـ"إننا بحاجةٍ إلى الصورِ كي نشكّلَ التاريخ، ولاسيّما في عصرِ الصورة والسينما، ولكنّنا بحاجةٍ أيضًا إلى الخيال لنتمكن من إعادة النظر في هذه الصور كي نتمكن من إعادة النظر في التاريخ".
يتناول عمل "38 يومًا من إعادةِ التجميع" العلاقةَ بين واقعين اثنين: الأول هو الاحتلال الإسرائيلي والثاني هو حقّ عودة الشعب الفلسطيني. هذه هي القصة التي تتشكّل لنا في ظاهر العمل. إلا أنّ نظرةً دقيقة أخرى إلى الأجزاء التي يتألفُ منها، ستكشف لنا طبقاتٍ رقيقةً متعددةً بمعانٍ وظلالٍ شتّى. وتكمن التجربةُ الأساسيةُ في هذا العملِ في تحويلِ صورةٍ رقميّة يمكن استنساخها بلا حدّ إلى صورةٍ أصليّةٍ لا تتكرّر وتتحول إلى عملٍ فنيٍّ فريد. حين خرجتُ من غرفة التحميض ورأيتُ الصورة، خُيّل إليّ أنّني قد حللت شيفرة بصريّة، ثم ما لبثتُ أن اكتشفْتُ أنّني أمام معضلةٍ بصريّة حقيقيّة.
حين عرضت عمل "38 يومًا من إعادة التجميع" على الناقدة فينيشا بورتر في المتحف البريطاني، أخبرتني أنّ عليّ أن أحرِصَ على الأجزاء كي لا تتهشّمَ نظرًا إلى هشاشتها، بل قالت بالحرف الواحد "إن أجزاءَها تكاد تسقطُ بمجرد النظر إليها". وخرجتُ بعدها من المتحفِ وتوجّهت إلى محطة الأنفاق وحين استخدمت بطاقة المواصلات للخروج من المحطّة، سقط من بين يدي أحد الصناديق، فتحطّمت واحدةٌ من أكثرِ القطعِ التي تعلّقتُ بها، وهي هذه التي ترونها في الصورة. هذه القطعةُ لم تعد موجودةً، ولم يبقَ سوى الصور الرقميّة التي تدلّ على وجودها وتؤكّد أنّها كانت حقيقةً قائمةً من قبل. هذا كان تحدياً بالنسبةِ إلي، لأنّ العملَ الفنيَّ كان يتحوّلُ بمجردَ إتمامِهِ إلى جزءٍ من تاريخي الفنيِّ الشخصيِّ. في النهاية، فازت الصورةُ، لأن الشيء الوحيد الذي يثبت وجود العمل الفني صورَتُهُ. وهكذا صارَ عملُ "38 يومًا من إعادة التجميع" رحلةً لاستكشاف أصل الصورة.
كما أنَّ هذا العمل يكشفُ عن عددٍ من الطروسِ، والطِّرسُ هو مخطوطةٌ مُحِيَت ليُكتَبَ عليها من جديد، طبقةً على طبقةٍ من المحتوى والمعنى، وهكذا فإن عمل "38 يومًا من إعادة التجميع" لا يستكشف تاريخ المنزل في مدينة القدسِ فحسب، وإنّما يستكشفُ تاريخَ الصورةِ نفسِها.
Download Original Text in English
Leave a comment