This site has limited support for your browser. We recommend switching to Edge, Chrome, Safari, or Firefox.

حتى لا تسرقنا مخططات تهويد الهوية | محمد الأسعد | ملحق الخليج الثقافي

2013

مخيلتنا إذا ٬ً بحاجة ماسة إلى أن تتحرر ٬ كما أرواحنا وعقولنا ٬ ففي سياق النكبات وما بعدها ٬ وعلى مسار دروبها الطويلة (أكثر من ستين عاما)ً ٬ تنهار قيمٌ وأخلاقٌ وروابط عزيزة ٬ وتتعرض المخيلة لاستعمار من شتى الأشكال؛ من صور ومفاهيم وعادات ٬ تختلف كما يقول ابن القدس الفنان ستيف سابيلا عن الاستعمار المادي؛ استعمار القرية والمدينة والمشهد ٬ إنها أشكال قوة استعمارية جديدة تغزو ذاتي وذات الآخر العربي والغربي أيضا . هي لا تسعى ٬ كما يضيف سابيلا إلى احتلال المكان والناس ٬ بل تستهدف غزو مخيلتهم ٬ وإقامة نظام جديد على نطاق أوسع من النطاق المحلي ٬ غزو المخيلة واستعمارها يخُضع الناس إلى شلل عقلي وجسدي يقيد النمو ويمحو أي فكرة عن الحرية .

ويبلغ هذا الاستعمار مبلغا في شدته أن الإنسان معه يحتاج إلى أن يقتلع نفسه من نفسه كي يتغلب على هكذا مخيلة ٬ يحدث هذا في فنون الاتصال البصري وفنون اللغة ٬ حين يعيد الرسام والكاتب اكتشاف محيطهما ٬ واكتشاف الأماكن الداخلية في النفس التي أحاطها استعمار المخيلة بالحواجز وجعلها مناطق محرمة ٬ أو طمرها ومحا طرق

الوصول إليها . الاتصال السمعي يؤدي هذه الوظائف ذاتها ٬ ولكن عن طريق أكثر رهافة؛ إنه يحررنا حتى من الأشكال المادية للتواصل ٬ ويرتفع بفن الصوت إلى مستويات تستنهض أعمق الذكريات ٬ وتحفظ لنا ذاكرتنا كما لم يحفظها أي وسيط آخر . فقد ينسى الإنسان سطورا شعرية ٬ وملامح بصرية تضمحل مع مرور الأيام ٬ إلا أن مجرد تذكر إيقاع هذه السطور يعيدها إلى الحياة ٬ ومجرد تذكر مقامات صوتية رافقت مشهدا أو صورا من حياتنا الماضية ٬ يبعث هذه الأخيرة فورا من سباتها العميق .

 

...

Download PDF

 

Leave a comment

Please note, comments must be approved before they are published

Use coupon code WELCOME10 for 10% off your first order.

Cart

No more products available for purchase