March 14, 2014
في معرضه اللندني، المستمر حتى العاشر من أيار/مايو المقبل، هناك أربع سلاسل من سنوات مختلفة: "سيسيل إليز سابيلا" (2008)، "في المنفى" (2008)، "تحوّل" (2012) و"38 يوماً من إعادة التجميع" (2014).
يقف المتفرج أمام أعمال سابيلا الفنية في غاليري "برلوني" كأنه أحد المارة، تختلس صور الشبابيك النظر إليه؛ بالفراغ والعزلة التي خلفها. يعبر من لوحة إلى أخرى، من شبّاك إلى آخر، ويقبل أن يكون هو أيضا مدعاة للعرض؛ ثمة من يتلصص من بناية مصفحة. أحياناً تكون النوافذ محاطة بمسننات، تمنع العين من الذهاب أبعد، أحياناً تقف النافذة خلف شباك زنزانة، أحياناً يقرّب، سابيلا، العدسة بقوة فتظهر شرائط الستائر المعدنية ضخمة وتغطي كل شيء. وربما تختفي تلك النوافذ المربعة في عمل آخر، هو صورة لجدار يرق مع طول تأملنا فيه، ونرى به سطحاً مائياً بلون العشب. الجدار نفسه نقترب منه أكثر في عمل آخر، يمكّننا الطلاء المقشّر من رؤية ثقوب الطوب والإسمنت في عمل أقرب، ما يكون لحفريات في الصورة.
المدينة التي تعيش فيها تلك النوافذ تبقي على سكانها منهمكين. وإلا كيف نفسّر ظهور طفلة واحدة في أحد الأعمال، تطل من النافذة وتتسلى على ما يبدو، بينما يغيب الراشدون تماما من حياة هذه الأمكنة. لماذا لا ينظرون هم أيضا؟ لماذا لا تلتقطهم عدسة سابيلا؟ لماذا يعتقد أنهم اختفوا؟ لماذا أخفاهم؟ الكبار في عالم الكبار، العمل، العزلة، المخاوف، الغياب، هذه كلها تصرفات ناضجة تسبب الاختفاء البارد والكآبة التي تفصلنا بالتدريج عن مدينة نحن أصلاً فيها غرباء، قادمون من أماكن أخرى، الطقس فيها مختلف وإيقاع الحياة وتفاصيلها وماضيها. تماماً مثلما ترك، سابيلا، حياته في القدس، وبدأها في مكان آخر مختلف حيث يقيم الآن في برلين
...
Leave a comment